مختصر
القواعد المرعيـة
في أصول الطريقة الرفاعية
للشيخ إبراهيم الراوي الرفاعي
1388 هـ - 1968 م
الفهرست
الصفحة
2- المقدمة
5- قاعدة في البيعة والذكر
9- قاعدة في سلوك الطريقة العلية الرفاعية
12- راتب التحفة الشريفة
21- قاعدة في الخلوة الأسبوعية المحرمية
23 - قاعدة في الزي واللبس
24 - قاعدة في حلقة الورد والذكر
25 - منظومة أسماء الله الحسنى
44- قاعدة في مراسيم الطريقة المباركة الرفاعية
45- قاعدة في الخوارق
48- قاعدة في أدب المرشد والمريد
49- قاعدة في الأدب مع صاحب الطريقة
54- قاعدة في لبس الخرقة
57- الاجازة الشريفة الرفاعية
69- سلسلة الكتب الرفاعية
71- كتب المشرف
قاعدة في البيعة والذكر
لا يخفى أنه قد اصطلح أعيان أهل الطريقة الرفاعية على قواعد وآداب مأخوذة من صاحب هذه الطريقة العلية ، وذلك أنه رضي الله عنهم يأمرون الطالب – اذا وفد عليه لأخذ الطريقة – بالوضوء وصلاة ركعتين لله بنية التوبة والإنابة اليه سبحانه .
وبعد ذلك يجلس المرشد على السجادة مستقبلا القبلة جاثياً على ركبته بالأدب والخشوع ، ويجلس الطالب أمامه لاصقا ركبتيه بركبتيه .
فيقرأ الفاتحة ثلاثا ، ويأخذ المريد بيده ويقرأ قوله تعالى : ( أن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً ) . ( ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً ) .
ثم يقول للمريد قل : أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب اليه تبت لله ورجعت الى الله ونهيت نفسي عما نهى الله ورضيتك شيخاً لي ومرشداً بطريقة إمام الأصفياء وسلطان الأولياء الغوث الأكبر والكبريت الأحمر لاثم يد النبي الأطهر الخاشع الخاضع الداعي سيدنا ومولانا السيد أحمد محي الدين أبي العباس الكبير الحسيني الرفاعي رضي الله عنه وبطريقة ولده القطب الفرد الجامع الجواد سيدنا أحمد عز الدين الشهير بالصياد رضي الله عنه ، وهذا الطريق طريقي والمنهج منهجي ، والأخوان إخواني ، والطاعة تجمعنا ، والمعصية تحول بيننا ، والعهد عهد الله واليد يد سيدنا رسول الله ، والبيعة بيعة شيخنا وسيدنا السيد أحمد أبي العلمين الحسيني الرفاعي الكبير رضي الله عنه والله على ما نقول وكيل .
كل هذا والمريد يقول بعده هذه الكلمات مخاطبا بها له أعني المرشد وبعدها يقول له المرشد : وأنا أقمتك مريداً بهذه الطريقة العلية وعلى هذا العهد المبارك بايعنا الله ثم يقول له : قم مريداً في هذه الطريقة العلية واجلس كذلك فيقوم المريد لإشارته هذه يجلس ( قال العارفون ) وفي ذلك إشارة إلى أنه بايع الله تعالى على القيام والقعود على العهد . فإذا جلس يقول له المرشد أوصيك بتقوى الله ثم يقول له : اسمع مني كلمة التوحيد وطريقة التلقين تتلقنها مني كما تلقنتها من أشياخي بالسند الصحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحينئذ يغمض المرشد عينيه ويقول: لا إله إلا الله ثلاثا ماداً بها صوته بأول الكلمة المباركة من كتفه اليمنى ويمر حبل المد الشريف من جهة الروح ومحلها تحت الثدي الأيمن بأصبعين حتى يقرأها لفظة الجلالة في القلب ومحله تحت الثدي الأيسر بأصبعين يقولها مخلصا متجرداً من الأغيار ، قامعاً بها علائق الأكوان وبعده يقولها المريد بطريقة التلقن كذلك ثلاثا فإذا أتمها ، وضع المرشد جبهته على جبهته ويده على صدره ودعا له بالتوفيق والأخلاص والبركة وبما يفتح الله به عليه من دعاء الخير ويختم دعاءه بالفاتحة .
وبعد ذلك يقوم ومعه المريد يتوجه كلاهما إلى القبلة ويقولان الصلاة والسلام عليك يا رسول الله . الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله الصلاة والسلام عليك يا وسيلتنا إلى الله الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله وخاتم رسل الله الصلاة والسلام عليكم يا أنبياء الله أجمعين ويختم المرشد ذلك بالفاتحة للنبي صلى الله عليه وسلم ولأخوانه النبيين والمرسلين وآل كل وصحب كل أجمعين . وللأمام القطب الغوث الأعظم السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه ولاولاده وأسباطه وخلفائهم ولأولياء أجمعين ولكل المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ويدعو الله بما تيسر ( فائدة ) هذه القاعدة أعني قاعدة المبايعة ترجع إلى أصلين عظيمين من الكتاب والسنة قال تعالى في الكتاب العزيز لنبيه سيد المخلوقين صلى الله عليه وسلم : إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيما) وغير ذلك من الآيات الكريمة المصرحة بهذا الشأن وقال سيدنا عبادة ابن الصامت رضي الله عنه : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره ونقول الحق حيث كنا ولا نخاف في الله لومة لائم وغير ذلك من الاخبار الصحيحة والآثار الصريحة المعلنة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم أجمعين ( وأما تلقين الذكر ) فقد صح أن عليا رضي الله عنه وكرم الله وجهه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله كيف أذكر فقال عليه الصلاة والسلام أغمض عينيك وأسمع مني ثلاث مرات ثم قل أنت ثلاث مرات وأنا أسمع فقال صلى الله عليه وسلم لا إله إلا الله ثلاث مرات مغمضاً عينيه رافعا صوته وعلي رضي الله عنه يسمع .
قال سيدنا الأمام الرفاعي رضي الله عنه – في هذا البرهان المؤيد – بعد ذكر هذا الحديث الشريف وعلى هذا تسلسل أمر القوم وصح توحيدهم انتهى.
قال قدس سره
( قاعده في سلوك الطريقة العلية الرفاعية )
سلوك هذه الطريقة أساسه الأدب وصحة الصحبة ، والصحبة عند رجال هذه الطريقة أول الآداب . وهي خدمة المرشد لتنطبع طباع المرشد بطباع المريد فتحسن أخلاقه وينقلب من كل خلق سيء إلى كل خلق حسن ولينسلخ من الدعوى والغرور والتعزز بالطريق والشطح والخوض بالأقاويل الفاسدة المكفرة التي اعتادها جماعة من أهل الزيغ كالقول بالوحدة وكنسبة تأثير الفعل إلى المخلوق وليخرج المريد من ورطة الكسل إلى ساحة النشاط بصالح العمل وليعمل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وليسلك طريق السلف الصالح دائراً مع الحق ما دار منصرفاً عن الأغيار منطمساً عن الآثار فيصير قريباً من أهل الحق بعيداً من أهل الباطل منسلخا عن العوالم لا تأخذه في الله لومة لائم فهناك أعني عند ظهور هذه العلامات عليه يأمره المرشد بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن أول أوراد السادة الرفاعية التي يعطونها للمريد إنما هي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والعدد بنسبة استعداد المريد ثم يلحقون له بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الاستغفار ( ونصه ونصها ) اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أستغفر الله العظيم وأتوب إليه والعدد بنسبة استعداد المريد أيضا وبعد الاستغفار الذكر ( ونصه ) لا إله إلا الله . والعدد كذلك بنسبة استعداد ويكون أقل العدد في كل من الصلاة والاستغفار والذكر عشرين مرة بعد كل صلاة فإذا طاب للمريد الذكر يزيد له المرشد العدد بالحكمة المناسبة لحاله وتمكنه وفي أثناء السلوك يعالجه بالرياضة إذا مست الحاجة إليها وبالسياسة والتجرد والخلوة والسهر والتهجد والخدمة الشاقة على النفس والصدقات كل ذلك إذا مست الحاجة إليه ويعرفه أن عقبات الطريق عند السادة الرفاعية ثلاثة .
( الأولى) حب الشيخ بالانقطاع إليه عن غيره لتصح الصحبة ويكمل الأنقياد ويتم الاعتقاد ولتنقلع إلفة القواطع من قلب المريد فيكون متبعاً لشيخه منقاداً له عاملا بعمله قائلا بقوله مسلما له فيها يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا يقدم عليه بقلبه ولسانه أحداً من رجال العصر وإلا فالذي لا يرى الاكملية لشيخه تنحط همته عن أعظامه وحسن أتباعه فلا يزداد في الطريق إلا انقطاعا وذلك لأن جمعية القلب تتشتت عن الشيخ وتنصرف مع الخواطر حيث شاءت وهذا هو الانقطاع في الطريق . وبهذا يتحقق بصاحب الطريق الغوث الأكبر الامام السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه .
( والثانية ) استغراق القلب واللسان بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم والتمسك الصحيح بشريعته وأحكام سنته الطاهرة حتى يشهده عليه الصلاة والسلام في كل زمان ومكان بحيث إذا تقهقه في البر الأقفر وحده لحال لا تلائم الشريعة المطهرة يستحي من صاحب الشريعة عليه أفضل الصلاة وأتم السلام .
( فائدة ) وقد استحسن العارفون الأئمة من أعيان رجال هذه الطريقة من أعيان رجال هذه الطريقة الرفاعية القويمة أن يقرأ السالك بعد رواتبه التي لا بد منها حزب التحفة السنية الرفاعية مع حسن الرابطة وملاحظة المعاني والأدب الأكمل مع سر الوجود صلى الله عليه وسلم وقالوا أن التحفة المباركة المذكورة من أعظم أسباب الفتح للسالك ومن أقرب أبواب القبول ومن الحبال الالهية الناهضة بالمريد إلى المراد والمقصود بإذن الله تعالى وسأذكرها لك أيها المحب بنصها فإن شيخنا أمام الرجال وكعبة أهل الحال السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه أحسن بها السبط القطب الفرد الوارث المحمدي الجامع محيي الدين أبي اسحق السيد إبراهيم الأعزب رضي الله عنه وأمره بقراءتها وان يعلمها للأخوان وهي من غرائب الأسرار الجليلة ومن تحف الغيب لنفيسة جامعة للبركات عظيمة الفتح لمن وفقه الله وقد جرب أهل الاخلاص قراءتها لحل العقد ولدفع النوائب وتفريج الكرب وحصول نفحات الحق وها هي كما أتحف بها سبطه رضي الله عنهما .