بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد واله وصحبه مداد كلماتك الطيبات امين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القــول الجلــى
فى الرد على
منكر المولد النبوى
إعداد
أبو هاشم السيد الشريف
1416- 1996
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتى
مقدمة الرسالة
هذه الرسالة موجهة إلى أحد الأخوة الأفاضل من الخمسة بمناسبة انتقاده احتفالنا بمولد النبى صلى الله عليه وآله وسلم لعام 1416هـ ، وكان النقد المهذب فى صورة كتاب :-
• اسم الكتاب : "الإنصاف فيما قيل فى المولد من الغلو والإجحاف ".
• المؤلف : فضيلة الشيخ أبو بكر الجزائرى .
• طبع ونشر : إدارة الطبع والترجمة بإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض / المملكة العربية اسعودية – يوزع بالمجان1405هـ .
فقمت على مهل بقراءة الكتيب .
والشيخ أبو بكر الجزائرى شيخ جليل ، قرأت له فى الفكر والاهتمامات الإسلامية المعاصرة وهو شيخ واسع الاطلاع .
ولكن :
ما إن قرأت هذه الرسالة لفضيلة الشيخ حتى وجدتنى بعلمى المتواضع جداً ، والذى لا يتعدى أبجديات العلوم الشرعية بناء على الاطلاعات الحرة ، أقول وجدتنى أستطيع إستخراج ملاحظات كثيرة على معلومات الكتاب ؛
فالكتاب يخرج على مبادئ أصول الفقه ، والكتاب يتحيز لرأى فقهى معين بل ويتعصب له والعجيب أنه يغفل الرأى الآخر ولا يذكره ، والكتاب يحاول لى النص لإثبات ما يجب ، ويحاول أن يجعل الموضوع الفرعى موضوع أساسى ، وفى النهاية يحاول الكتاب أن يوسع الفجوة الخلافية بين جماهير الأمة الإسلامية بدلاً من أن يتسع الفكر الإسلامى المعاصر للرأى والرأى الآخر ، ففضيلة الشيخ يميل إلى الانتماء للنغمة السائدة فى فكر محمد بن عبد الوهاب وهو الهجوم على الجماعة المسلمة الأخرى وحصر الفكر الوهابى فى بضع عشرة نقط جلها نقاط فرعية ويغفل الحياة الإسلامية الرلاحبة واف\لفكر الإسلامى الواسع خلال القررون الكثيرة ، وهذا الفكر الوليد الذى لم يتم فرضه على جزء من الأمة إلا قريباً من ثمانية أو تسعة عقود من الزمن يجاول أن يهدم الجبل الضخم الذى بناه الفكر الإسلامى خصوصاً علم أصول الفقه وعلم أصول الحديث وعلوم القرآن .
وبعد
فى هذه الرسالة وجدت نفسى أسير مع الكتيب وأكتب ملاحظاتى بنفس ترتيب الكمتاب ، وأول من يقرأ هذه الرسالة هو المرسل إليه وإن كانت له تعقيبات أرجو أن يحررها قبل محاولة تصوير هذه الرسالة وإهدائها لاخوتنا وأحبابنا صحبة الدرب بالقرية .
والسلام .
الخمسة – السابع من شوال 1416هـ
26/2/1996م
أبو هاشم
السيد أحمد الشريف
مقدمة علمية هامة
يبدأ الشيخ كتابه بمقدمة علمية وصفها بأنها هامة لمن أراد أن يعلم حكم الشرع الإسلامى فى ما يسمى بالمولد اتلنبوى الشريف وتحدث فى هذه المقدمة الموصوفة بالهامة الملاحظات الآتية :-
أولاً :- الخروج على اصول الفقه العامة وذلم بتعميم القواعد ، مثلاً يقول :- كل عمل يراد به التقرب إلى الله تعالى للحصول على الكمال والسعادة بعد النجاة من الشقاء والخسران ينبغى أن يكون :-
1- مما شرعه الله فى كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .
2- مؤدى كما أداه الرسول من حيث كميته أى ىعدده وكيفيته وزمانه ومكانه .
3- أن يريد فاعله طاعة الله تعالى .
وهذا تقعيد لقواعد خاصة بقصد الوصول إلى غرض المؤلف فى جعل الاحتفال بالمولد – أو غيره مما يريد أن يلغيه – جعل ذلك من العبادات أو مما يتقرب به إلى الله ، وحيث أنه لم ينطبق عليه الشروط الثلاث السابقة فيكون بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار .
ولو تأملنا هذه الشروط الثلاث لوجدنا الآتى :-
أ- شرع الله تبارك وتعالى يشمل :- الكتاب ، السنة ، الإجماع ؛ وهى أدلة متفق عليها بين كافة الفقهاء ولكن المؤلف أغفل الإجماع رغم ثبوته بالكتاب والسنة .
ب- الذى يشترط أن يؤدى كما أداه الرسول كماً وكيفاً وزماناً ومكاناً إنما هو العبادة بمعناها العام كالعمل وصلة الجار وصلة الرحم وزيارة صديق والحياة العامة عموماً فيقتدى فيها بتعاليم الإسلام عموماً سواء كان مصدرها الكتاب أو السنة أو الإجماع – وهى المصادر المتفق عليها – أو كان مصدرها القياسى أو المصالح المرسلة أو الاستحسان وغيرها مكن المصادر التى اختلف عليها الفقهاء .
وهكذا نجد أن هذه الشروط التى اشترطها الشيخ يخرج منها آلارف الحوادث التى تمر بالمسلم كل يوم .
ولذلك حين ذكر المؤلف الأمثلة : ذكر الصلاة والحج والصيام حتى ان المؤلف ناقض القول الأول فذكر عقب ذلك : وهكذا سائر العبادات لا تقبل ولا تصح إلا إذا سائر العبادات لا تقبل ولا تصح إلا إذا روعى فيها الشروط المذكورة .
ثانياً :- يخلط المؤلف ويميل إلى عدم الدقة فيقول : إن سائر العبادات لن تقبل من فاعلها إلا إذا راعى فيها :-
1- أن تكون مشروعة بالوحى الإلهى . لقول النبى صلى الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
2- أن يخلص فيها لله تعالى بحيث لا يشرك فيها أحداً كائنا من كان .
وهنا غير المؤلف موقفه الأول.
فكان يشترط هذه الشروط أولاً لكل عمل يتقرب به إلى الله ، ثم استبدل بأن اشترط هذه الشروط للعبادات ،
وهنا القول أكثر دقة .
ولكن يشترط أن يكون مشروعاً بالوحى وهذا غير دقيق ، لأن الوحى إنما هو القرآن ، أو القرآنت والسنة ، وهذا بعض الأدلة الرشعية وأساسها ، وهناك أدلة أخرى ، فمثلاً توريث الجدة لم يشرع بالوحى ، والوصية الواجبة وكتابة المصاحف وتنقيط المصحف والتفريق بين آيتى الكلالة وآلاف الحوادث لم تشرع بالوحى بالوحى ويراد بها التقريب إلى الله تعالى .
ولكن اتلحديث يصدق عليها ويشمل ما شرع بالوحى الإلهى ، وما شرع مستنداً إلى الوحى الالهى .
ثالثاً : - تعميم وخلط المؤلف مقصود ، وكشف لنا عن قصده بعد ألأن بين كل ذلك فقال:-
ومن هنا كانت أيها الأخ المسلم البدعة بالملة وكانت ضلالة ،
وقد بدأ المؤلف كلاماً عاماً غير محدد ، فكان لا بد من تحديد كل بدعة وإثبات أن ليس لها أصل من الشرع وتحديد أنها ضلالة ، كما حدد الأمثلة " الصلاة والحج ..."
أما تعميم المسألة بغير دليل فلا يقبل .
وبعد ذلك
يذكر المؤلف عنوان :- تنبيــه
يضرب مثلاً للبدعة و والابتداع فيقول :-
إن العبادة المشروعة بالكتاب والسنة قد يطرئا عليها الابتداع ويداخلها الأحداث فى كميتها أو كيفيتها أو زمانها أو مكانها فتفسد على فاعلها ولا يثاب عليها .
وضرب مثلاً:
يقول الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيرا"
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " مثل الذ1ين يذكر ربه والذى لا يذكره مثل الحى والميت ".
فالذكر مشروع ولكن داخله الابتداع عند كثير من الناس فأفسده عليهم وحرمهم ثمرته ، ثم يذكر المؤلف أوجه الابتداع بما يلى :-
الذكر بالإسم المفرد الله ، الله ، الله ، الله أو بضمير الغيبة هو ، هو . أو الذكر بنداء الله تعالى : يا لطيف يا لطيف . أو الذكر بلفظ مشروع بنحو الهيللة ولكن فى جماعة بصوت واحد مما لم يفعله الشارع ولم يأمر به أو يأذن فيه .
ويصل المؤلف منة ذلك أن العبادة إن كانت غير مشروعة بالوحى الالهى فهى بدعة ضلالة ، وإن كانت مشروعة ولم يراع فيها الحيثيات الأربع فقد داخلها الابتداع وهى قربة فاسدة وإن خالطها شرك فهى عبادة حابطة هابطة .
* ونحن إذا تأملنا مقدمة التنبيه ومؤخرته نجد استنتاجاً معاكساً ؛ فمثلاً يقول الله تعالى :- " يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً " إذا تأملنا الآية نجد فيها أدلة شرعية لمن عاب عليهم المؤلف . فنجد
أ- الخطاب موجه الجماعة ، ويفهم منه إمكان تنفيذ الأمر جماعى .
ب- الأمر يقول : اذكروا الله . وهم يذكرون الله بحرفية الأمر مثل قول الله لنبيه : قل الله ، وقول الله تعالى : واذكر اسم ربك وهم ينفذون ذلك فيذكرون اسم ربهم .
ج- الأمر يقول : ذكراً كثيراً ، بلا حد ولا كمية ولا عدد ، ولا زمان ولا مكان وهم يفعلون ذلك .
د- الذين يهللون جماعة وردت أحاديث كثيرة تدل على الذكر الجماعى .
مثلاً : ما رواه البخارى فى كتاب الآذان ومسلم فى كتاب المساجد وأبو داوود فى كتاب الصلاة والنسائى عن ابن عباس : "ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير " وما رواه البخارى ومسلم وأبو داوود : "إن رَفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبى " (صلى الله عليه وسلم)
وفى مقابل ذلك ، لم يقدم لنا المؤلف من الأدلة الشرعية ما يحرم :
1- الذكر باللفظ المفرد الله أو أى اسم من الأسماء الحسنى .
2- الاجتماع على الذكر بلا إله إلا الله .
طبعاً نحن لا نناقش هنا موضوع الذكر وإنما نناقش فقط القضية التى أوردها المؤلف وطريقة تعويمه للأمور ليصل إلى النتيجة التى يريدها .
ثم ينتقل الشيخ إلى تتمة نافعة
فى بيـــــان السنة والبدعة
فهل جاء ملتزماً بالأمانة العلمية فيما جاء به ؟
عنوان :-
تتمة نافعة فى
بيان السنة والبدعة
ولكن المؤلف يأتى بطرق جديدة ومعارف من تعبيره هو ، لكى تؤدى فى النهاية إلى ما يريد .
بل ينتقى من أقوال الفقهاء ، ثم يؤيد رأيا منها ، ويسبب تأييده وجاء ترتيب المؤلف على النحو التالى :-
أولاً :- عرف السنة شرعاً :- ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن الله تعالى لأمته من طرق البر وسبل الخير وما انتدبها إليهم من الآداب والفضائل لتكمل وتسعد .
وهذا التعريف يُخرج من السنة : عادات النبى صلى الله عليه وسلم بل وأخلاقه التى لم يندب إليها .
ولكنا نعرف السنة مثل تعريف الفقهاء أنها :- ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير . . . ويدخل فى ذلك ما أمر به ويصير واجباً أو فرضاً وما لم يأمر به فيصير مستحباً أو سنة .
ثانياً :- يشترط الكاتب للسنة التكرار ، فما لم يتكرر فعله أو رؤيته وسماعه من النبى صلى الله عليه وسلم لا يكون سنة .
ويلجأ لإثبات ذلك فى اللغة ويضرب أمثلة لذلك من أن النبى جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فى غير عذر سفر ولا مرض ولا مطر ، والمرأى التى نذرت إن رد الله رسوله سالماً من سفر أن تضرب بالدف على رأسه فرحاً ، ففعلت ولم ينهها الرسول .
وهذا شرط خبيث وخطير – اشتراط تكرار الفعل ليصبح سنة- لأن هذا الشرط لو كان صحيحاً لقضينا على معظم سنة رسول الله لأن معظمها لم يتكرر ، ولأن معظم السنة أخبار آحاد رآها أحد من الصحابة ورواها لنا ، ولا تشرطنا التواتر والتكرار فى قبول الخبر ، ويمكن بسهولة الرد على إبطال هذا الشرط ، ففى تحويل القبلة تم قبول الأمر من أول مرة دون تكرار وبخبر آحاد وهناك أدلة كثيرة وسهلة للجميع فى ذلك .
ثالثاً :- عرف البدعة تعريفين :-
1- كل ما لم شرعه الله تعالى فى كتابه أو على لسان رسوله محمد من معتقدا أو قول أو فعل .
2- ويصفه بالتعريف الأسهل : كل ما لم يكن على عهد رسول الله وعهد أصحابه دينا يعبد الله به أو يتقرب به إليه من اعتقاد أو قول أو عمل مهما أضفى عليه من قداسة وأحيط به من شارات الدين وسمات القربة والطاعة .
وهكذا لم يكثف بالتعريف الأول بل اختراع التعريف الثانى لأنه يضع بواسطته جميع ما يحب أن يضعه تحته فيصير بدعة .
ومن ينظر إلى هذين التعريفين يجد أنهما يشملان على غلط كبير .
فالبدعة هى كل معتقد أو قول أو فعل يضاد شرع الله فى كتابه أو على لسان رسوله . وفرق كبير بين هذا وذاك .
ولماذا لم يورد الكاتب تعريف كبار الأئمة ؟؟
رابعاًَ :- أتى بأمثلة من البدع الاعتقادية والقولية والفعلية :-
فالبدع الاعتقادية :- مثل الأقطاب والأبدال ، وجاء بكلام للجهلة والعامة ليثبت ذلك ووصفهم بالشرك الأكبر ، رغم أن ما ذكر يمكن أن يوصف بالمفاسد والجهالات .
والبدع القولية :- مثل سؤال الله بجاه فلان ومثل الوسيلة وقال :- انها من وضع الزنادقة الباطنية ، وكذلك حضرات الذكر والاجتماع على المدائح والقصائد الشعرية ، ويقسم الكاتب بالله أنها من وضع الزنادقة والخربين لدين الإسلام .
عجباً لفضيلة الشيخ .. هل فى المناقشة العلمية والإثبات قسم ؟
إنما أمامنا الأدلة الشرعية نأتى بها ونستدل بالكتاب والسنة والإجماع وغيره ، فكان الأجدى بك يا شيخ أن تأتى بالأدلة المخالفة لرأيك وتعارضها بالأدلة الأقوى وتبطلها بدلاً من أن تقسم بالله .
والبدع الفعلية :- مثل البناء على القبور وشد الرحال إلى زيارتها والعكوف عليها والذبح عندها والخروج من المسجد الحرام أو النبوى بظهره .......
كل هذا بدعاً فعليه .
لكن أين الأدلة على بدعية هذه الأفعال ؟
كان يجب على الكاتب الفاضل أن يأتى بالأدلة الشرعية لتحريم كل حرام ، فلا يكفى أن يقسم على صحة قوله وإنما يأتى بالأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس وغيرها ..
" .